رحلة فتاتان ايرانيتان الى معلم مليتا السياحي

ساتاريه صادقي محمدي

14-09-2012
مليتا، حكاية الأرض للسماء
للأميركي الذي تعود على ذهاب جيشه الى الحروب خارج حدود بلاده، المقاومة لا تعني له شيئا بعكس ما تعنيه للإيراني، الفلسطيني أو اللبناني – أو لنقل الشرق أوسطي؛ في الحقيقة تطول اللائحة لتشمل بلدانا أخرى تعنيها المقاومة، ولكن ليس هذا الهدف من موضوعنا المعلن.

أثناء حلول شهر رمضان المبارك، غادرنا مدينة صور بعد الظهر كي لا تضطر صديقتنا اللبنانية للافطار. مررنا بمدينة النبطية حيث بانت التلال الخضراء والطرق الملتوية. كان الهواء عذبا بينما يقوم النسيم العليل بتقبيل وجوهنا الضاحكة عبر نوافذ السيارات المشقوقة. شعرت من خلال لبسي للعباية ووشاح الكوفية انني سأتوافق مع المكان الذي كنا نقصده. ترامشت جفوني مع هبوب الرياح بينما تلذذت عيناي بمشاهدة صور جليلة لرجال عظام امتدت على جوانب الطريق. ولإضفاء مزيد من السحر على المناظر الطبيعية، تراقصت اعلام حزب الله مع الهواء كالشموس التي لا تغيب. حملت كل صورة اسم شهيد ظهرت عليه ملامح البطولة والفخر والاعتزاز؛ انهم رجال في رياعين الشباب ممن اختاروا جنة ابدية عبر قسمهم لله الواحد بأن يدافعوا عن ارضهم ضد المحتلين الصهاينة. صعودا ازدادت الطريق تمايلا لتمنحنا احساسا وكأنها تقودنا الى الجنان، وكذلك ارتفعت ارواحنا لاحقا. انه متحف او معلم مليتا للمقاومة، حيث حكاية الأرض للسماء، حيث موطن المقاومين من رجال حزب الله الذين قاتلوا الاحتلال في جنوب لبنان حتى أتى التحرير في العام 2000.

تم توجيهنا عند المدخل الى القاعة حيث يتم عرض فيديو قصير يقوم من خلاله سماحة السيد حسن نصرالله بالترحيب بنا. كانت صور الشهداء والمعارك تخترق قلوبنا وتدمع اعيننا. أتت اللحظة المجيدة عندما سمعنا السيد عباس الموسوي (قده) يقول: "اسرائيل سقطت."

حوت الغنائم المأخوذة من الاسرائيليين الدبابات، خوذ الجنود الصهاينة، معلبات، ملاحظات، خرائط، صواريخ، هويات، الخ... كما ارتفعت داخل المعرض لوحات كبيرة كتب عليها: "لقد كان واضحا لي ان حزب الله ظاهرة لا يمكن القضاء عليها بعملية عسكرية. لقد كان واضحا لي انه لا يوجد حل عسكري حاسم لمواجهة نظام صواريخ حزب الله. لهذا، قمت بدعم عملية سياسية ينتج عنها نزع سلاح حزب الله، وهي نتاج عملية لبنانية داخلية." موشي يعلون 2006. وأيضا: "لأول مرة بتاريخنا نتحضر لسحب الجيش الاسرائيلي بطريقة سيفهمها كل من العدو والصديق على انه انسحاب غير مشروط." ايرييل شارون 1985.

خلال تجولنا في المعلم الساحر، وصلنا الى ساحة الهاوية حيث وضعت دبابة اسرائيلية مجدولة الفوهة ما يرمز الى سقوط فخر هذه الصناعة. كما وضعت دبابة اخرى مواجهة لحائط رسمت عليه صورة لحمامة تطير بكل حرية وبجانبها توقيع سماحة السيد حسن نصرالله. صعدنا أكثر لنجد دبابة أخرى متهاوية تدل على سقوط الميركافا، نظرنا كلنا نظرة فخر واعتزاز بكل حماسة وانتصار. هناك بدأنا نأخذ صورا تذكارية حملت اشارات السلام.

أكثر الأجزاء الملهمة في المعلم كانت عندما قمنا بتتبع آثار خطوات الشهداء لنشاهد بعض القبور المحفورة بأيديهم ولأنفسهم، حيث صلّوا وسجدوا لله الواحد القهار. سرنا عبر الأجمة لتقودنا الى نفق ضيق ولكنه طويل، تم حفره داخل الجبل ليكون مأوى لمجاهدي المقاومة ولنقل المؤن والفرق العسكرية.

عندما وصلنا الى نهاية النفق، خرجنا الى شرفة (المطل)، حيث تراقصت أعلام لبنان وحزب الله بطمأنينة في حضن ذهبي من النسيم العليل، تبعه غروب الشمس. وقفنا هناك وقفة عز وافتخار – ولكن بتواضع – نشاهد التلال الخضراء وأسطح البيوت التي امتدت نزولا عبر الجبل. وفي الأفق أمكننا مشاهدة البحر المتوسط الذي لم يكن هذه المرة لا ازرقا ولا اخضرا، بل كان بلون برتقالي ذهبي، تماما مثل الشمس الغاربة واعلام حزب الله المرفرفة.

مترجمة عن النسخة الانكليزية:
http://rihlatna.blogspot.com/2012/09/mleeta-where-land-speaks-to-heavens.html

بإشراف الجمعية اللبنانية للسياحة والتراث

All rights are preserved ©جميع الحقوق محفوظة 2013