إقليم التفاح ينهض في زمن "السياحة الجهادية"
30"مليتا"
نقطة جذب الى رحاب الطبيعة الخلابة
المصدر: النهار 4 آذار 2012
سمير صبّاغ
أسهم موقع "مليتا" للسياحة الجهادية في إعادة الحركة
السياحية الى منطقة أقليم التفاح، لما تتمتع به من
طبيعة خلابة ومناظر آسرة. كما أعاد صياغة تاريخها
السياحي بما يتناسب مع التحولات المجتمعية الحاصلة
جنوباً والمنعكسة في سلوكيات أفراده، حباً او إكراهاً
فإلى أي مدى انعش إفتتاح معلم "مليتا" الحركة السياحية
في قرى أقليم التفاح؟ وعن أي سياحة نتحدث؟..إنفصل
أقليم التفاح عن الخارطة السياحية إبان الإحتلال
الإسرائيلي، بعد تحوله نقطة تماس ما بين المواقع
الاسرائيلية المنتشرة على الهضاب وما قابلها من مواقع
دفاعية لـ"المقاومة الإسلامية". لكنه إستعاد بعضاً من
عافيته السياحية عقب التحرير، رغم إقتصار الحركة على
الوافدين من اهل القرى الذين سارعوا الى إعادة إعمار
ما دمره الإحتلال، من دون وصل ما إنقطع مع الذاكرة
التاريخية المحتضنة لأمسيات الطرب وما يرافقها من
أجواء جاذبة للسياح والمصطافين. لذا شكل إفتتاح معلم "مليتا"
لحظة مفصلية، وفق رئيس إتحاد بلديات أقليم التفاح محمد
دهيني، الذي اكد ان"الحدث إنعكس إيجاباً على المنطقة،
إذ زار مليتا 900 ألف شخص، بينهم 70 في المئة لبنانيون
وافدون من مختلف المناطق، و30 في المئة من العرب
والأجانب، مما اسهم في تعرف هؤلاء على ما يتمتع به
الأقليم من طبيعة خلابة ومناطق أثرية مهمة". ولفت
دهيني الى ان"الأقليم لم يكن مهيئاً لإستقبال هذه
الأعداد الكبيرة، لذلك أطلقنا، بالتعاون مع وزارة
الأشغال العامة والنقل، ورشة إعادة تأهيل البنى
التحتية من طرق وغيرها، كما أنجزنا بتمويل أوروبي
منتجعاً سياحياً يضم شاليهات وإستراحات، فضلاً عن
ترميم وتجهيز الحمام التركي الأثري في بلدة جباع،
وإنشاء حديقة عامة تحتضن محمية طبيعية على تلّ مجاور
لموقع مليتا الى ذلك جمّلنا مصادر الينابيع وتوسعت
الإستراحات القائمة"، مشدداً على ان "موقع مليتا يشكل
نقطة جذب سياحية مستمرة لمختلف المواطنين والسياح، ما
جعلنا نراهن على إنعاش أقليم التفاح إقتصادياً من خلال
إطلاق خطة هدفها جذب الرساميل للإستثمار سياحياً في
قراه".
"مليتا" وحدها لا تكفي!
رغم الأمال المعلقة على "مليتا" لإحداث نقلة نوعية في
الحياة السياحية داخل إقليم التفاح، يختلف رئيس جمعية
تجار محافظة النبطية وسيم بدر الدين مع دهيني، لا في "تشجيعه
نشر ثقافة المقاومة عبر مليتا" بل بإعتباره "الإعتماد
على مليتا كنقطة جذب وحيدة من أجل إحداث حركة سياحية
مستمرة في أقليم التفاح أمراً مبالغاً فيه. فالعنوان
الذي جذب الزائرين الى المنطقة هو تاريخ المقاومة، كون
الموقع إستخدم كأول نقطة مرابطة للمقاومة في مواجهة
العدو الإسرائيلي، وبالتالي المقاومة هي من جذبتهم
وليست الطبيعة الخلابة والمناطق الأثرية أو الإستراحات
وأجواؤها او أي من المقومات السياحية الأخرى. متسائلاً
كيف نفسر إقدام العديد من الرحلات السياحية على تناول
الغداء في جزين بعد زيارتهم مليتا رغم وجود الإستراحات
في اقليم التفاح؟!. وهل تعدّ الإستراحات التي تتغير
إداراتها كل سنتين أو ثلاثة ناحجة؟".
وأكد انه "رغم رغبتا الجامحة في تحويل منطقتنا نقطة
جذب سياحية لا نزال نفتقد للعناصر التي تحقق هذا الهدف،
فالمطلوب إيجاد خطة سياحية متكاملة على مستوى الجنوب،
من مليتا مروراً بضريح حسن كامل الصباح، وصولاً الى
قلعة الشقيف والإستراحات السياحية ومتطلباتها، مع
العلم أن الجنوب لا يزال اهله غير ناضجين على مستوى
الذهنية السياحية، رغم إمتلاكهم رأس المال بحكم العديد
من السلوكيات التي تحدّ من إمكان السير بمشاريع سياحية
جاذبة كتلك الموجودة في مناطق أخرى، كما أن عامل الخوف
من تجدد الحرب مع العدو الاسرائيلي يقلل من إمكان
الإستثمار بمشاريع سياحية ضخمة جنوباً".
في المقابل ردّ الدهيني بالقول: "زائر مليتا سيعود الى
منطقة الأقليم إذا وفرنا له امكاناً لإرتيادها،
بالتزامن مع إعادة تأهيل البنى الأثرية والطبيعية. فلا
علاقة بين عدم تقديم المشروبات الروحية اوعدم وضع
الموسيقى في المقاهي بنجاح الحركة السياحية أو عدمه.
فهناك شريحة كبيرة من أهلنا تريد هذا النمط من السياحة
الملتزمة الضوابط المجتمعية المكرسة في سلوكيات أبناء
أقليم التفاح"، لافتاً الى ان "مليتا ستشكل نقطة جذب
مستمرة لكل اللبنانيين والجنوبيين، وحتى العرب
والأجانب، لأن القيمين عليها يلحظون تطويرها بإستمرار
عبر إنشاء المسابح والملاعب واماكن للعب الـ paint
ball، وبالتالي ستكون "مليتا" نقطة جذب سياحية تنهض
بإقليم التفاح".
صحيح ان "معلم مليتا للسياحة الجهادية" أعاد لأقليم
التفاح بريقه السياحي، بنسخته الملتزمة طبعاً، لكن هل
تشكل "السياحة الملتزمة" جذباً مستمراً للسياح، أم
ستقتصر الحركة السياحية على الراغبين بالتعرف على هوية
المقاومة من بوابة "مليتا"؟.