مليتا 

التحدّي الكبـير

الشاعر الشيخ إبراهيم مصطفى البريدي

قـفْ خاشـعاً فـي رحـابِ المجدِ منتصبا

واقـرأْ حـكـايـةَ قـوْمٍ اتـبعوا سـبـبـا

بـاعـوا الحيـاةَ ومـا فـيـهـا، فـحـُقّ لهـم

خـيـرٌ مـقـاماً، وتـكـريـمـاً، ومنقلبـا

أطـلـقْ رحـالــَك ل"مـلـيـتـا"، فـآيـتـهــا

لا تـسـتـطـيـع لـها نـيـلاً ولا طـلـبــا

وارقـبْ مـلاحـمَ أبـطـالٍ يـجـسّــدهــا

زهْـدٌ تـجـذّر بالإيـمـانِ، فـانـسكـبـا

نـصـراً مـن اللهِ، مـن هالاتـه مُسِحـتْ

دموعُ ستين عاماً، جرجرت غـضـبـا

كيـف اطمأنـّتْ بنـو صهيـونَ حيـنَ أتـوا

ظنّوا المقامَ طويلاً، سـائغاً، خـصِـبا

جـاؤوا جبابـرةً، والبطـش يـسـبـقـُهـم

حدّوا مناقيرهـم، واستعْذبوا العشبا

لـكـنـّهـم طـردوا، والـذّعـْرُ يـدفـعـُهـم

كما الصّعالـيـك لا ريـشـاً ولا زَغـبـا

تـرى الـعـتـاد الـذي نـيـرانــه زرعــتْ

قتلاً ورُعبـاً وتـشـريـداً ومـضـطـربـا

ككـومـةٍ مـنْ حُطـام الـذّلّ صـاغـرةٍ

لـولا الـتـمـعّنُ فيـهـا خِلْتـَهـا حـطبـا

مـرْرتُ فـي مسجد العبـّاس، أخجلني

ذاك المصـلّى، فكم أعلى لـه رتـبـاً

أمـوسـويـاً؟ نــعـم، عـرّفْـه عـائـلــةً

وأحـمـديـّاً لآل الـبـيــت مـنـتـســبـا

أمـام خـيـمـتـه كـلّ الـقـصـور هَـوَتْ

لـتـمـقـت الكبـر، والتّزيـيـف والكذبا

طـوْيـتُ نفسـي علـى نفسي مكابرةً

ولـسْـتُ أدري أصغـراً كـان أم أدبـا

واخطرْ على الغار وأقرأْ باسم سيّدهم

عن صبرهم قصصاً عن عيشهم كتباَ

رهـبـانُ لـيـلٍ وفـرسـان الـنـّهـار كمـا

كـان الحُسيـن ومـن فـي ركْبِهِ ركبـا

هـم الإرادة والـتـصـميـم تـحـسـبهـم

كمـا الصخـور التـي حـلّـوا بهـا حِقبا

مـطـارحٌ درجــوا فـيــهــا، تـدرّبـهــم

ثـقـافـةٌ أدهـشـت أبـصـارنـا عـجبـا

هـل كِـسـرةَ الـخـبــز إلاّ كـل بُغْيتِهـمِ

وشَـربـَةُ المـاء تـبـقي كبدَهم رطبـا

فراشـهـم إنْ يـجـفّ الـطـين مـوقعُـه

ومــا دريـْتَ بــهـم يـأسـاً ولا تـعـبـا

أمـّا القـلـوب فـلـو رامـوا بـهـا هـدفـاً

خـلـْع الجبـال لمـا عزّتْ لـهم طـلبـا

مضـوا رجـالاً صنـاديـداً، وفـي يدهـم

أنْ يسرجوا الريّح أو أن يركبوا السُحبا

لـمـثــلـهم قـبـّة الأقـصـى مسـلّـمــةٌ

مفـتـاحها، وزكـت فـي قربـهم نسـبـا

بإشراف الجمعية اللبنانية للسياحة والتراث

All rights are preserved ©جميع الحقوق محفوظة 2013